21 نوفمبر 2024 | 19 جمادى الأولى 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د.المرصفي: شهر رمضان..مدرسة الثلاثين يوما في تهذيب النفس

15 يوليو 2015

شهر رمضان المبارك، شهر الصيام والخير والبركات، يتجلى فيه إقبال المسلمين على الطاعات، فيصومون نهاره، ويقيمون ليله، ويتلون القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار، ويتدارسونه في المقارئ والحلقات، ويسعون إلى تجسيد قيم الأخوّة والتعاطف والتراحم والبذل والعطاء والتسامح والتقارب وإزالة الفرقة، ورأب الصدع، وتوحيد الصف، وبناء اللحمة الإسلامية، واستحضار قيم ديننا الإسلامي العظيم في كل شؤون حياتنا.

د.سعد المرصفي أستاذ الحديث وعلومه من علماء الأزهر الشريف الأجلاء الذين أثروا المكتبة الإسلامية، ولفضيلته مؤلفات قيمة في مختلف علوم الشريعة الإسلامية، وعددها يزيد على مائتي كتاب، وقد حرص في كتاباته على الربط بين الأصالة والمعاصرة، وتأصيل الفكر الإسلامي الوسطي، ومعالجة هموم الأمة وتحدياتها.

وللدكتور المرصفي وقفات مع الشهر الفضيل ودروسه وعبره وفضائله ، فبين أن الله سبحانه وتعالى جعل شهر رمضان أفضل الشهور، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام وندب إلى قيامه، فرمضان شهر نزل فيه القرآن، قال الله تعالى "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة:185).

التسابق في الخيرات

وعن أجواء الشهر الفضيل يقول د. المرصفي إن شهر رمضان تتنزل فيه الرحمات وتتفتح فيه أبواب السماوات، وتصفد فيه الشياطين، وتقبل فيه الدعوات، ويتجرد فيه المسلم مرضاة لربه، يصوم نهاره، ويقوم ليله، إنها مناسبة عظيمة حقا للتسابق في عمل الخير، وتعزيز قيم التكافل، وإطعام الطعام، ودعم مشاريع إفطار الصائم، وتلبية احتياجات الفقراء والمساكين، والشعور بمعاناتهم، والتعويض عما سلف من تقصير، والتكفير عما مضى من أخطاء، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا ، غُفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه الشيخان، كما أن أجواء هذا الشهر المبارك فرصة خصبة لتنمية قيم الأخوة الإسلامية، وتقوية أواصر المحبة بين المسلمين، وتحريك نوازع الخير في النفوس البشرية، واستشعار كل ألوان التعاطف والتراحم مع المستضعفين، والعمل على تغيير ذواتنا إلى الأفضل، لتصبح أكثر ودا وتدينا، وأكثر تلاحما وترابطا مع الأسرة وأكثر فاعلية مع حركة المجتمع وقضايا الأمة.

وحول أفضل سبل استثمار أوقات هذا الشهر الفضيل شدد د. المرصفي على ضرورة حسن الصلة بالله، والتزام أوامره واجتناب نواهيه، وإتباع النبي صلى الله عليه وسلم اقتداء بسنته واهتداء بسيرته العطرة، قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)، فقد كان صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان يستبشر بهذا الشهر المبارك، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال « أتاكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله".أخرجه البيهقي.

استشعار آلام المنكوبين

وأردف قائلا: إن هذا الشهر يمثل مدرسة الثلاثين يوما في تهذيب النفس، وواجبنا أن نستشعر آلام المنكوبين ومآسيهم، وأن نسعى جاهدين لتحقيق معاني الترابط والتلاحم والتآخي، فنخرج الصدقات والزكوات، ويواسي أغنياء الأمة فقراءها، ويطعمون جوعاها، ويكسون عراها، ويعلمون أمييها، ويوفرون العمل لعاطليها، ويمسحون على رأس أيتامها، ويطببون مرضاها، ويأوون لاجئيها، ويغيثون منكوبيها، ومن ثم تقوى أواصر الأخوة، وتتجلي مشاهد الرحمة والشفقة، ويعيش الجميع في مجتمع متكافل يشعر أعلاهم بشعور أدناهم، على قاعدة "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، وتلك القاعدة من أعظم ما يقوي الروابط ويبني الصلات الاجتماعية.

وتابع د.المرصفي: إن المسلم حينما يشعر بالجوع والظمأ يستشعر مدى حاجة الفقير والمسكين والمنكوب، ويدرك مدى الألم النفسي للحرمان، فتتحرك عاطفته تجاه إخوانه، متسلحا بمعاني الرحمة والتسامح والجود والكرم، والمبادرة إلى تلبية متطلباتهم، وعينه على الحديث الشريف" من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه"، راجيا الأجر والمثوبة من الله تعالى، مشيرا إلى انالرعيل الأول من المسلمين كانوا يجعلون شهر رمضان فرصة للعمل الخيري، تتجسد فيها كل قيم التكافل والبر والإحسان، المسلمون اليوم في أمس الحاجة إلى استلهام تلك المعاني، خاصة أن المسلمين في سورية وبورما واليمن والصومال وغيرها يعيشون أوضاعا كارثية ، ولا يكادون يجدون قوت يومهم.

قراءة القرآن

وحول فضل قراءة القرآن يوضح د. المرصفي أن سورة القدر المكيّـة تطالعنا بتنويه لفضل القرآن الكريم وعظمته بإسناد إنزاله إلى الله تبارك وتعالى، ورفع شأن الوقت الذي أنزل فيه ، ونزول الملائكة في ليلة إنزاله .. وتفضيل الليلة التي توافق ليلة إنزاله من كل عام ، قال :(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، مشددا على أن قراءة القرآن في رمضان هي من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، وكان صحابة رسول الله صلى الله وعليه وسلم يواظبون على قراءة القرآن، ويجتهدون في قراءته خلال شهر رمضان.

وأضاف د. المرصفي إن الله سبحانه وتعالى أثنى على من يقرأه ويتدبره فقال جل شأنه: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرّاً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) (فاطر: 29-30). أي الذين يؤدون الصلاة بمواقيتها وأدائها الكامل وينفقون من أموالهم في سبيل الله ويتصدقون على الفقراء فلن يضيع ذلك عند الله سبحانه وتعالى بل سيوفيهم أجورهم وأجر المسلم هو الجنة، نسأل الله أن نكون من أهل الجنة، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) رواه مسلم، أي يشفع لك بالطاعة والإيمان ويقول القرآن يا رب إني حرمته النوم فشفعني فيه، ولا يزال كذلك حتى يشفع فيه.

وموضحا مكانة ليلة القدر وثواب قيامها إيمانا واحتسابا، يبين د. المرصفي أن الله عزّ وجلّ قد فضّـل هذه الليلة على غيرها من الليالي والأيّـام، وأن من عبدَ الله وذكره، وفعل خيراً فيها كان خيراً له من جهة الثواب والأجر العظيم عند الله من ليالي وأيام كثيرة ليس فيها ليلة القدر ، تبلغ ألف شهر، وإذا كان الشهر ثلاثين يوماً تقريباً، كانت ليلة القدر خيراً من ثلاثين ألفاً من الأيّـام الأخرى، وأن من أحيا هذه الليلة بالعبادة والذكر والدعاء والأعمال الصالحة كان له من الثواب ما هو خير من ثلاثين ألفاً، وهي تعادل ثلاثاً وثمانين سنة وثلث السنة، وهذا عمر قلّ من الناس من يبلغه، فكيف بمن يعبد الله فيه، وهو لا يعبد إلا مميّـزاً على أقل تقدير.

إخفاء ليلة القدر

ومبينا الحكمة من إخفاء ليلة القدر ذكر د. المرصفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أبان في أحاديث كثيرة أن مظانّ التماسها العشر الأواخر، وأكّـد التماسها في آحاد هذه الليالي، ليجتهد المؤمن في العبادة، وضبط النفس على الطاعات طوال ليالي شهر رمضان من جهة، ثم ليضاعف من اجتهاده في العشر الأواخر منه، ثم ليزيد من الحرص وحسن العبادة في الآحاد، رغبة في أن يظفر بمصادفتها واغتـنام خيراتها، مفسرا الإخفاء بالأسلوب الذي يحفز إلى العمل، والترغيب فيه، والناس مفطورون على محبّـة الأسرار، والرغبة في البحث عنها، والمحافظة عليها عند الوصول إليها، ومن ثم كانت حكمة الإخفاء.. وهذا يدفعنا إلى أن نجتهد ونبذل أقصى الجهد خلال تلك المدّة التي تـتنزّل فيها خصائص الخيرات، ومن ثم تكون الاستـقامة على الطريق..

والله نسأل أن يبلغنا الشهر الكريم، والأمة الإسلامية تنعم بالتآخي والنصر والعزة والتمكين، وأن تكون صفا واحدا في وجه الأعداء والأخطار المحدقة بها، وأن تكون قيم شهر رمضان نهجا ونبراسا لنا في سائر الشهور، والله الموفق والمستعان.​

شهر رمضان المبارك، شهر الصيام والخير والبركات، يتجلى فيه إقبال المسلمين على الطاعات، فيصومون نهاره، ويقيمون ليله، ويتلون القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار، ويتدارسونه في المقارئ والحلقات، ويسعون إلى تجسيد قيم الأخوّة والتعاطف والتراحم والبذل والعطاء والتسامح والتقارب وإزالة الفرقة، ورأب الصدع، وتوحيد الصف، وبناء اللحمة الإسلامية، واستحضار قيم ديننا الإسلامي العظيم في كل شؤون حياتنا.

د.سعد المرصفي أستاذ الحديث وعلومه من علماء الأزهر الشريف الأجلاء الذين أثروا المكتبة الإسلامية، ولفضيلته مؤلفات قيمة في مختلف علوم الشريعة الإسلامية، وعددها يزيد على مائتي كتاب، وقد حرص في كتاباته على الربط بين الأصالة والمعاصرة، وتأصيل الفكر الإسلامي الوسطي، ومعالجة هموم الأمة وتحدياتها.

وللدكتور المرصفي وقفات مع الشهر الفضيل ودروسه وعبره وفضائله ، فبين أن الله سبحانه وتعالى جعل شهر رمضان أفضل الشهور، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام وندب إلى قيامه، فرمضان شهر نزل فيه القرآن، قال الله تعالى "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (البقرة:185).

التسابق في الخيرات

وعن أجواء الشهر الفضيل يقول د. المرصفي إن شهر رمضان تتنزل فيه الرحمات وتتفتح فيه أبواب السماوات، وتصفد فيه الشياطين، وتقبل فيه الدعوات، ويتجرد فيه المسلم مرضاة لربه، يصوم نهاره، ويقوم ليله، إنها مناسبة عظيمة حقا للتسابق في عمل الخير، وتعزيز قيم التكافل، وإطعام الطعام، ودعم مشاريع إفطار الصائم، وتلبية احتياجات الفقراء والمساكين، والشعور بمعاناتهم، والتعويض عما سلف من تقصير، والتكفير عما مضى من أخطاء، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا ، غُفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه الشيخان، كما أن أجواء هذا الشهر المبارك فرصة خصبة لتنمية قيم الأخوة الإسلامية، وتقوية أواصر المحبة بين المسلمين، وتحريك نوازع الخير في النفوس البشرية، واستشعار كل ألوان التعاطف والتراحم مع المستضعفين، والعمل على تغيير ذواتنا إلى الأفضل، لتصبح أكثر ودا وتدينا، وأكثر تلاحما وترابطا مع الأسرة وأكثر فاعلية مع حركة المجتمع وقضايا الأمة.

وحول أفضل سبل استثمار أوقات هذا الشهر الفضيل شدد د. المرصفي على ضرورة حسن الصلة بالله، والتزام أوامره واجتناب نواهيه، وإتباع النبي صلى الله عليه وسلم اقتداء بسنته واهتداء بسيرته العطرة، قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)، فقد كان صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان يستبشر بهذا الشهر المبارك، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال « أتاكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله".أخرجه البيهقي.

استشعار آلام المنكوبين

وأردف قائلا: إن هذا الشهر يمثل مدرسة الثلاثين يوما في تهذيب النفس، وواجبنا أن نستشعر آلام المنكوبين ومآسيهم، وأن نسعى جاهدين لتحقيق معاني الترابط والتلاحم والتآخي، فنخرج الصدقات والزكوات، ويواسي أغنياء الأمة فقراءها، ويطعمون جوعاها، ويكسون عراها، ويعلمون أمييها، ويوفرون العمل لعاطليها، ويمسحون على رأس أيتامها، ويطببون مرضاها، ويأوون لاجئيها، ويغيثون منكوبيها، ومن ثم تقوى أواصر الأخوة، وتتجلي مشاهد الرحمة والشفقة، ويعيش الجميع في مجتمع متكافل يشعر أعلاهم بشعور أدناهم، على قاعدة "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، وتلك القاعدة من أعظم ما يقوي الروابط ويبني الصلات الاجتماعية.

وتابع د.المرصفي: إن المسلم حينما يشعر بالجوع والظمأ يستشعر مدى حاجة الفقير والمسكين والمنكوب، ويدرك مدى الألم النفسي للحرمان، فتتحرك عاطفته تجاه إخوانه، متسلحا بمعاني الرحمة والتسامح والجود والكرم، والمبادرة إلى تلبية متطلباتهم، وعينه على الحديث الشريف" من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه"، راجيا الأجر والمثوبة من الله تعالى، مشيرا إلى انالرعيل الأول من المسلمين كانوا يجعلون شهر رمضان فرصة للعمل الخيري، تتجسد فيها كل قيم التكافل والبر والإحسان، المسلمون اليوم في أمس الحاجة إلى استلهام تلك المعاني، خاصة أن المسلمين في سورية وبورما واليمن والصومال وغيرها يعيشون أوضاعا كارثية ، ولا يكادون يجدون قوت يومهم.

قراءة القرآن

وحول فضل قراءة القرآن يوضح د. المرصفي أن سورة القدر المكيّـة تطالعنا بتنويه لفضل القرآن الكريم وعظمته بإسناد إنزاله إلى الله تبارك وتعالى، ورفع شأن الوقت الذي أنزل فيه ، ونزول الملائكة في ليلة إنزاله .. وتفضيل الليلة التي توافق ليلة إنزاله من كل عام ، قال :(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، مشددا على أن قراءة القرآن في رمضان هي من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، وكان صحابة رسول الله صلى الله وعليه وسلم يواظبون على قراءة القرآن، ويجتهدون في قراءته خلال شهر رمضان.

وأضاف د. المرصفي إن الله سبحانه وتعالى أثنى على من يقرأه ويتدبره فقال جل شأنه: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرّاً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) (فاطر: 29-30). أي الذين يؤدون الصلاة بمواقيتها وأدائها الكامل وينفقون من أموالهم في سبيل الله ويتصدقون على الفقراء فلن يضيع ذلك عند الله سبحانه وتعالى بل سيوفيهم أجورهم وأجر المسلم هو الجنة، نسأل الله أن نكون من أهل الجنة، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) رواه مسلم، أي يشفع لك بالطاعة والإيمان ويقول القرآن يا رب إني حرمته النوم فشفعني فيه، ولا يزال كذلك حتى يشفع فيه.

وموضحا مكانة ليلة القدر وثواب قيامها إيمانا واحتسابا، يبين د. المرصفي أن الله عزّ وجلّ قد فضّـل هذه الليلة على غيرها من الليالي والأيّـام، وأن من عبدَ الله وذكره، وفعل خيراً فيها كان خيراً له من جهة الثواب والأجر العظيم عند الله من ليالي وأيام كثيرة ليس فيها ليلة القدر ، تبلغ ألف شهر، وإذا كان الشهر ثلاثين يوماً تقريباً، كانت ليلة القدر خيراً من ثلاثين ألفاً من الأيّـام الأخرى، وأن من أحيا هذه الليلة بالعبادة والذكر والدعاء والأعمال الصالحة كان له من الثواب ما هو خير من ثلاثين ألفاً، وهي تعادل ثلاثاً وثمانين سنة وثلث السنة، وهذا عمر قلّ من الناس من يبلغه، فكيف بمن يعبد الله فيه، وهو لا يعبد إلا مميّـزاً على أقل تقدير.

إخفاء ليلة القدر

ومبينا الحكمة من إخفاء ليلة القدر ذكر د. المرصفي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أبان في أحاديث كثيرة أن مظانّ التماسها العشر الأواخر، وأكّـد التماسها في آحاد هذه الليالي، ليجتهد المؤمن في العبادة، وضبط النفس على الطاعات طوال ليالي شهر رمضان من جهة، ثم ليضاعف من اجتهاده في العشر الأواخر منه، ثم ليزيد من الحرص وحسن العبادة في الآحاد، رغبة في أن يظفر بمصادفتها واغتـنام خيراتها، مفسرا الإخفاء بالأسلوب الذي يحفز إلى العمل، والترغيب فيه، والناس مفطورون على محبّـة الأسرار، والرغبة في البحث عنها، والمحافظة عليها عند الوصول إليها، ومن ثم كانت حكمة الإخفاء.. وهذا يدفعنا إلى أن نجتهد ونبذل أقصى الجهد خلال تلك المدّة التي تـتنزّل فيها خصائص الخيرات، ومن ثم تكون الاستـقامة على الطريق..

والله نسأل أن يبلغنا الشهر الكريم، والأمة الإسلامية تنعم بالتآخي والنصر والعزة والتمكين، وأن تكون صفا واحدا في وجه الأعداء والأخطار المحدقة بها، وأن تكون قيم شهر رمضان نهجا ونبراسا لنا في سائر الشهور، والله الموفق والمستعان.​

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت